جربة تتزيّن لاستقبال القمّة الفرنكوفونية، و بعد ؟

صحيح أن جزيرة جربة ستستفيد كثيرا خلال هذه الأيام التي تسبق القمة الفرنكوفونية وأثناءها، لكن ماذا سيكون حالها بعد انتهائها؟

بقلم فوزي بن يونس بن حديد

ليس من عادتها أن تتزيّن لدخيل لأنها تستحي أن تفعل ذلك، ولأنها تربّت على القيم والمبادئ والأخلاق التي تمنعها من أن تُبدي زينتها لمن تشاء، تلك هي الجربية الأصيلة في موقعها، ولكن في هذه المرة ستتزين جزيرة جربة كلها لاستقبال قمة عالمية لها صدى كبير على مستوى الدول التي تتحدث اللغة الفرنسية أو التي تتحدث باللغة التي فرضتها عليها فرنسا بعد الاستعمار.

أيا كان المعنى الفرنكوفوني لهذه القمة فإن هذه المرة ستُعقد في جزيرة جربة التي تتزين بأبهى حللها وتراثها لتخبر العالم أنها جميلة وستبقى جميلة رغم مآسيها وما تعانيه من نقص كبير في الخدمات وما تفرضه المعطيات الجديدة من العولمة والحداثة والتقنية، وما تفرزه البيئة من حولها من تهميش واضح لهذه القطعة الرابية على البحر الأبيض المتوسط.

من حقّ الدولة التونسية أن تطلب ما تشاء من جربة حتى تكون جاهزة يوم القمّة، ومن حقّ جزيرة جربة أيضا على الدولة أن توفر لها الأساسات، إذ لا بنيان دون أساس، ولا ازدهار ولا عمران دون تنمية واهتمام، فهي اليوم تشهد حركة غير عادية واهتماما غير مسبوق لأن القمة ستُعقد بعد أكثر من شهر أو يزيد قليلا، ولكن سرعان ما تنتهي هذه الفورة بعد انقضاء المدة المحددة للقمة، وتعود حليمة إلى عادتها القديمة، وكل ما حدث يصبح في طي النسيان.

من حق جربة أن تكون ولاية

صحيح أن جزيرة جربة ستستفيد كثيرا خلال هذه الأيام التي تسبق القمة الفرنكوفونية وأثناءها، لكن ماذا سيكون حالها بعد انتهائها؟ لقد طالب الأهالي مرارا وتكرارا برفع مستواها الإداري الحالي إلى ولاية لتكون الولاية رقم 25
فتزيّن المجموعة وتكون خاتمتها مسكا، وللجربيين الحق في أن يفتخروا بجزيرتهم التي طالما تغنوا بها في المحافل المحلية والإقليمية والدولية، فهي المنطقة التي سحرت العالم بهدوئها وأجوائها وسمائها وتراثها وتاريخها وتركيبتها، وهي التي تنشر السكون والسكينة والطمأنينة وهي التي تمنح الإنسان الاستقرار النفسي أثناء ليل هادئ بظلمته الحالكة أو بنور قمره المضيء.

فعلا، من حق جربة أن تكون ولاية، كفانا معاناة وكفانا انتظارا فنحن في القرن الحادي والعشرين، عهد التحول السريع والحكومة الإلكترونية، ومن حق جربة أن تبرز هذه المعاناة عبر ميكروفون القمة الفرنكوفونية المقبلة حينما ينبري عدد كبير من أبنائها في شوارعها مطالبين الدولة بالنظر بجدية كبيرة في هذا

الموضوع الذي طال أمده رغم وعود الحكومة السابقة بالنظر في زواياه، ورغم مطالبات السيد رئيس الجمهورية بأن يسمح للمسؤولين في الدولة وعلى رأسهم رئيسة الحكومة نجلاء بودن بالنظر في هذا المطلب الملحّ والأساسي والضروري لتنمية المنطقة برمتها.

منحة طال أمدها سنوات

تحتاج جربة أن تكون ولاية، وهو حق من حقوقها، وبهذه المناسبة قد ينظم الأهالي فعاليات مصاحبة أو متزامنة مع القمة لإبلاغ الحضور بالمشكلة الحقيقية التي تعانيها جزيرتنا منذ زمن وليست وليدة اللحظة الآنية، فقد صبر الجميع على مماطلات الحكومات السابقة بالنظر في الملفات الساخنة كملف البيئة وملف البطاحات والخدمات والتنمية والتشغيل وأهمها ملف رفع المستوى الإداري للجهة إلى مستولى يليق بجزيرة جربة وساكنيها الذين ما زالوا يناشدون رئيس الجمهورية والحكومة بالنظر بعناية في هذا الملف الضروري جدا في هذه المرحلة الحساسة.

لن تمر القمة الفرنكوفونية مرور الكرام دون الحديث عن هذا الموضوع المهم، وسيكون على الجربيين التحرك على جميع المستويات وبجميع الأشكال التي يكفلها القانون في تونس لإبراز حق جزيرة جربة في الحصول على هذه المنحة
التي طال أمدها سنوات منذ بدء الإشارة إلى ذلك، ونعتقد أن هذا الأمر سيجد هذه المرة الآذان المصغية لحلحلة الملف خطوات إلى الأمام لعله يفرج عن كروب وهموم طالما عبّر عنها الجربيون في كل وسائل الإعلام المحلية.

شارك رأيك

Your email address will not be published.