الطلبة الأفارقة في تونس سفراؤنا في بلدانهم

التونسيون العارفون بأوضاع أفريقيا جنوب الصحراء تألموا شديد الألم عندما قرأوا بيان التنظيم الطلابي الإفريقي في تونس الذي يدعو مواطنيه إلى عدم الخروج إلى المناطق الشعبية و أريانة و يدعوهم للحذر… و ذلك بعد التصريحات الأخيرة ذات النبرة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراء الصادرة عن رئيس الدولة قيس سعيد.

بقلم فوزي بن عبد الرحمان

اشتغلت سنين طويلة في البلدان الإفريقية الناطقة بالفرنسية و بعضا من الناطقة بالإنقليزية. سافرت كثيرا عبر هذه البلدان : غينيا، سينيقال، مالي، بوركينا، نيجر، كامرون، كوت ديفوار، غابون، نيجيريا، كينيا و كذلك إفريقيا الجنوبية و تعرفت على عديد الأصدقاء و الشركاء و الحرفاء و المسؤولين فيها. و تعرفت على خصائصها الديمغرافية و ثقافاتها القومية و طبائع أهلها و لا أزال قليل المعرفة في ذلك.

ما أستطيع قوله أن تونس لها سمعة جيدة في كل هذه البلدان و عشت أحداثا مؤثرة جدا في تعبير الأفارقة لحبهم و تقديرهم لتونس و حب كبارهم لبورقيبة و حب شبابهم الذي تخرج من الجامعة التونسية لتونس و شعبها و تقدير مسيريهم للشركات التونسية العاملة فيها و هذه مسالة سأتعرض إليها لبيان الفرق بيننا و بين بلدان المغرب الغربي في السياسات الإفريقية و تأثيرها الشعبي.

غباء ما بعده غباء

أتألم شديد الألم عندما أقرأ بيان التنظيم الطلابي الإفريقي في تونس الذي يدعو مواطنيه عدم الخروج إلى المناطق الشعبية و أريانة و يدعوهم للحذر.

و أتالم أكثر عندما أستمع لمذيعة الأخبار في قناة تعني بالشأن الإفريقي تتكلم عن مصطلح العنصريين الفرنسيين على لسان رئيس الدولة التونسية “le grand remplacement” و الذي يقصدون به مؤامرة المسلمين لتغيير هوية الشعب الفرنسي و هو ما جاء في بيان رئاسة الدولة المخجل.

جحافل الجهلة يظنون أنه لن تكون هناك تبعات لهذا التصريح في علاقتنا مع شعوب إفريقيا و في تعاملها مع إطاراتنا فيها وهو غباء ما بعده غباء. و الحمق الأكبر لمن لا يفهم أن الطلبة الأفارقة هم سفراؤنا البارحة و غدا في بلدانهم.

أرجو أن يقع إصلاح الأمر قبل أن نقع في محظور ما لا تحمد عقباه لا قدر الله و أرجو أن تُبعث رسائل طمأنة للأفارقة المقيمين و الطلبة و أن يقع قبولهم و الحديث معهم و أن تبعث كذلك رسائل طمأنة واضحة للمقيمين بصفة غير شرعية في تطبيق القانون بكامل احترام حقوق الإنسان و المعاملة الكريمة، و هذا لا يعني مطلقا التسامح مع من يخالف القوانين و التراتيب القانونية.

إنسانيتنا في المحك و مستقبل بلادنا في عمق إستراتيجي إفريقي ضروري يحتاج إلى كثير من العقلانية.

وزير سابق.

شارك رأيك

Your email address will not be published.