فيصل المقداد في تونس، ما يجب أن يقال عن العلاقات التونسية السورية

بالأضافة إلى عودة العلاقات الدبلوماسية بين تونس و سوريا، من المهم أيضا أن تتبنى القيادة التونسية ملف المطالبة بعودة سوريا للجامعة العربية و رفع كل العقوبات عنها و هي خطوة  مطلوبة لتكفير الذنب عن  تواطىء الدبلوماسية التونسية في عهد وزير الخارجية السابق رفيق بوشلاكة مع أعداء سوريا.

بقلم أحمد الحباسي

و أخيرا، و كما يقول المثل الشائع، أن تأتى متأخرا خير من لا تأتى أبدا، لكن و حتى نكون صرحاء فإن عودة العلاقات التونسية السورية و لئن أصبحت حقيقة واقعة و تم فتح السفارة التونسية في دمشق في حين قامت السلطات السورية بالإسراع في اتخاذ كل الإجراءات الرامية لفتح السفارة السورية بتونس فإن هذه العودة هي ثمرة نضال و صمود أغلبية الشعب التونسي الذي رفض من البداية قرار الرئيس المؤقت المنصف المرزوقي و حليفته المتآمرة و الخاضعة لإملاءات الدولة القطرية، حركة النهضة، المستجيبة للضغوط الصهيونية الأمريكية التركية الخليجية التي دبّرت  خطة و مؤامرة تفكيك الدولة السورية و القضاء على آخر حصن للممانعة العربية، وهي المؤامرة التي كشف وزير الخارجية القطري السابق حمد بن جاسم خطوط تنفيذها في إحدى المقابلات الصحفية في إحدى القنوات القطرية الحكومية.

من المؤكد أيضا أنه لا الرئيس الراحل الباجى قائد السبسي و لا الحالي قيس سعيد قد سعيا بجدّ أو كانت لهما الإرادة الصلبة لمحاولة الاستجابة للنبض الشعبي أو لمتطلبات الأمن القومي العربي أو لإصلاح الخطأ  المرتكب في حق الشعب السوري.

فقاعات و تلاعب مدروس بالشعارات الرنانة

حتى لا تتوه الحقيقة و يختلط الحابل بالنابل و يخرج علينا بعض مناصري السيد الرئيس مدعين أن الفضل، كل الفضل، يعود إليهم حصرا في عودة العلاقات التونسية السورية يجب ردّ هذه المزاعم بأن الرئيس لم يقم بهذه “المراجعة” إلا بعد مرور أكثر من ثلاثة سنوات من تنصيبه و هو دليل مقنع كاف يؤكد أن  الملف السوري لم يكن أبدا من أولوياته و كل ما قيل و يقال هي مجرد فقاعات و تلاعب مدروس بالشعارات الرنانة لا غير. 

لعله من المؤسف  و المخجل أن  نشير أنه كان بود الشعب التونسي أن لا تكون تونس كقيادة سياسية طرفا بأي شكل من الأشكال أو عنصر سلبيا في الملف السوري و أن لا تخضع للضغوط الصهيونية الأمريكية لدفعها لقطع العلاقات مع سوريا أو المشاركة المعرّة في اجتماعات ما سمّى حينها “بأصدقاء سوريا” و الذي تمّ بإحدى النزل التونسية برعاية حكومة حركة النهضة المتآمرة  كما أنه من العار أن يأتي التآمر و الخطر من هؤلاء الذين تم غسل أدمغتهم من طرف شيوخ الفتنة ليتحولوا إلى قنابل انشطارية أسالت كثيرا من دماء الأبرياء و دمرت كل شيء جميل في سوريا.

لا نتذكر للسيد الرئيس أي تصريح يندد بالموقف الرسمي التونسي الذي قرر قطع العلاقات مع سوريا إبان حكم حركة النهضة و لا بما كشفته وسائل الإعلام من قيامها بتدريب و تسفير الإرهابيين إلى سوريا أو معارضته لقرار الجامعة العربية القاضي بتمكين ما سمى “بالائتلاف السوري المعارض” من مقعدها في الجامعة أو ما فرض عليها من عقوبات سياسية و اقتصادية و منها منع القنوات السورية من استخدام القمر الصناعي نايل سات كما لم يتفضل سيادته بإعلان أي موقف صريح من الاعتداءات الصهيونية المدمرة التي تعرضت لها الأراضي و الشعب السوري طيلة أكثر من  عشرة سنوات.

بطبيعة الحال كان الأمل معقودا أن نكون أول الواقفين و المساندين للقيادة و للشعب السوري من البداية و لا نكون مساهمين في إراقة دم الشعب السوري و أن  تبقى العلاقات بين البلدين عصيّة عن تدخلات الدول المتآمرة  لذلك نقول أن عودة العلاقات الآن تحمل كثيرا من المرارة  و الألم و الخجل و أنه على القيادة التونسية إن كانت تحمل شيئا من المبادئ أن تقدم اعتذارا رسميا للشعب السوري.

فك شفرة ملف تسفير التونسيين إلى سوريا

لا نعتقد أن القرار التونسي بإعادة العلاقات مع سوريا  قد جاء في توقيته لأن أغلب الدول بما فيها تلك التي كانت السبب الرئيسي في المؤامرة القذرة على سوريا مثل تركيا و السعودية و فرنسا و الأردن قد سبقت تونس في هذه الخطوة بمدة طويلة و مع ذلك نتمنى على الرئاسة التونسية أن تتفطن و لو متأخرا إلى الضرورة الملحة لفك شفرة ملف التسفير و ما خفي من خطة حركة النهضة و الأطراف الداخلية و الخارجية التي تعاونت معها لإرسال الإرهابيين التونسيين و هو ملف معقد يحتاج إلى معالجة  فاعلة  حتى يمكن محاسبة قيادة حركة النهضة و من والاها كما يجب التفكير حينا في وضع خطة متكاملة للمشاركة في إعمار سوريا و وضع كل الإمكانيات المتاحة على كل الأصعدة  لتقديم أفضل الخدمات للشعب السوري و بطبيعة الحال لا بد من العمل على إيجاد حل لملف اللاجئين السوريين بتونس و تيسير عودتهم في أفضل الظروف.

من المهم أيضا أن تتبنى القيادة التونسية ملف المطالبة بعودة سوريا للجامعة العربية و رفع كل العقوبات عنها و هي خطوة  مطلوبة لتكفير الذنب عن  تواطىء الدبلوماسية التونسية في عهد وزير الخارجية السابق رفيق بوشلاكة مع أعداء سوريا.

كاتب و ناشط سياسي.

شارك رأيك

Your email address will not be published.