الكيان الصُّهيوني لم يرتدع بعد الضربة الإيرانية الباهتة ويستعد لمغامرة جديدة

لم تكن الضربة الإيرانية على إسرائيل قوية بما فيه الكفاية رغم عدد الطائرات المسيرة والصواريخ المرسلة حتى ترتدع عما تقوم به من
جرائم بشعة في غزة رغم أنها أربكتها وأربكت حساباتها وأرهقتها نفسيًّا، لأن إسرائيل لا تفهم إلا لغة القوة حتى ترتدع وتخاف فعندما يكون خصمها قويًّا لا يبالي بتهديدات أمريكا ولا الغرب ولا الشرق فحينئذ سوف تقرأ له ألف حساب
.

فوزي بن يونس بن حديد

وإن كانت ضربة ليلة الرابع عشر من شهر أبريل تحمل في طيّاتها تحميل إسرائيل مسؤوليتها لما تقوم به من ضرب قواعد إيران في الخارج إلا أن أضرار هذه الضربات كانت محدودة للغاية ولم تكن موجعة ومؤلمة ولم تُشف غليل ملياري مسلم كانوا ينتظرون ضربة قويّة مزلزلة في العمق الصهيوني، لأن إسرائيل لم تذق معنى الألم الذي ذاقه الفلسطينيون طوال 190 يوما.

فهي ببساطة لا تستسلم بسهولة بعد أن أبدت الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا استعدادهما الكامل للوقوف إلى جانبها والدفاع عنها، بينما تحدت إيران وحدها الكيان الصهيوني وعزمت على تأديبه، وبقيت إسرائيل طوال تلك الأيام التي تلت الضربة الصهيونية لقنصلية إيران في دمشق متوترة للغاية لا تدري كيف ستكون هذه الضربة وإلى أي مدى سيمتدّ خطرها.

المنطقة على شفا حرب جديدة

ولئن كانت إيران لا تريد التصعيد كما قالت وإنما تريد أن توجّه رسالة للكيان الصهيوني مفادها أن يد إيران طويلة ويمكن أن تصل إليه في أي وقت تريد، فإن ضربتها الأخيرة كانت باهتة ولم تتعلّم منها إسرائيل التي باتت على يقين أن أمريكا وأوروبا مستعدّتان لتقديم كل العون لحليفتهما إسرائيل، وبعد أن تصدت إسرائيل لـ99% من الصواريخ والطائرات التي أطلقتها إيران، أصيبت بالغرور وظنّت أنها قادرة على توقيف إيران عند حدّها متى فكّرت في هجوم على الكيان الصهيوني، وبهذه الرسالة تستخفّ إسرائيل بقدرات إيران العسكرية وتريد أن تقول لها إن إسرائيل تملك من القدرات ما يكفيها للتصدّي لأي هجوم إيراني وقادرة على ضرب القدرات الإيرانية.

ولطالما هدّدت إسرائيل إيران بضرب منشآتها النووية وتعطيلها، لكسر إرادة إيران عن التسلح وامتلاك القنبلة النووية، ومنافسة الكيان الصهيوني في المنطقة التي باتت على شفا حرب جديدة طويلة الأمد إذا ضربت إسرائيل العمق الإيراني بأي نوع من أنواع الضربات، لأن إيران بدورها لن تسكت أيضا على ما يقوم به الكيان الصهيوني من ردّ فعل في العمق الإيراني، ومهما كانت الضربة التي ستُقدم عليها إسرائيل يبقى التصعيد على الميدان سيد الموقف، ولن تستطيع أمريكا ولا حلفاء إيران ضبط الإيقاع الحربي المتواصل الذي سبّبته الهجمة الشرسة والبربريّة للكيان الصهيوني على غزة، فهي حربٌ مستمرة ما دامت إسرائيل تحتل الأراضي الفلسطينية وما دامت أمريكا تركض وراءها وتحميها من كلّ السهام.

الكيان الصهيوني لن يرتدع

وإذا تعنّتت إسرائيل وضربت إيران، فستردّ إيران على ضربة إسرائيل، وربما تتطور الأمور إلى أكثر من ذلك، فكما لإسرائيل حلفاء، فلإيران حلفاء أيضا، وبالتالي قد تتلقّى إيران دعمًا من حليفتيها روسيا والصين وهما من أعداء أمريكا اليوم، لنكون أمام حرب تتشعب وتتعقد يومًا بعد يوم، وتزداد سوءا يوما بعد يوم، لذلك من المستحيل توقع ما سيجري بعد الردّ الصهيوني على إيران، فبحسب الضربة الصهيونية ننتظر الردّ
الإيراني، هل سيصمد هذا الكيان إن كانت الأضرار خفيفة أو أنه سيعزم على الردّ أيضا، فكما ضُربتَ تَضرب، ومن ثم يرى نتنياهو أن هذه العملية تخدمه سياسيًّا حتى يبعد عنه الضغوط الداخلية والخارجية على السواء، ويسير الكيان الصهيوني نحو حرب أخرى طالما انتظرها نتنياهو طويلا، وهي الحرب مع إيران.

وعلى كل حال، فإن الكيان الصهيوني لن يرتدع اليوم بعد الدعم الأمريكي اللامحدود والدعم الأوروبي على مستوى السياسيين إلا إذا اتحدت القوات المقاوِمة وعزمت على ضرب الكيان الصهيوني بقوّة في العمق، وتؤلمه إيلامًا شديدًا وتُوقع في أفراده وعتاده خسائر كبيرة، فكمَا يَألمُ أهل غزّة يجب أن يألم الصّهاينة، بمعنى أن تقوم حرب في الداخل الصهيوني لا خارجه، وتقوم انتفاضة كبيرة في كل فلسطين للتعبير عن الغضب والدفاع عن الأقصى وعن غزة والضفة وكل مدن فلسطين المحتلة، بهذا فقط يمكن أن نردع الكيان الصهيوني، وما عداه فلن تقوم للمسلمين قائمة، وسيبقى الكيان الغاصب يرتكب الجرائم الواحدة تلو الأخرى غير عابئ بالتحذيرات التي يسمعها من هنا وهناك، وغير عابئ بما تمليه عليه المنظمات الدولية من قرارات، فقد سبق وأن رفضها في السِّلم فكيف يقبلها وهو في الحرب.

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.